يبحث العالم اليوم عن توازن جديد، توازن يناسب أكبر عدد ممكن من دول العالم، خاصة وأنه في أوقات عدم اليقين والأزمات الدائمة، فإن الخيار الأفضل هو أن يكون هناك خيارات متعددة للتنمية الخاصة بكل طرف، ولذلك، فإن الاهتمام بالمنصات الدولية التي يمكن أن توفر بديلاً هو اهتمام هائل اليوم.
وتبدو الانطلاقة نحو هذا العالم من المنتدى الاقتصادي الشرقي، حيث من المقرر أن يعقد المنتدى في الفترة من 10 إلى 17 سبتمبر في فلاديفوستوك الروسية، وتروج روسيا لهذا الحدث باعتباره فرصة لإظهار رغبة موسكو في جذب الاستثمارات إلى أراضيها المتاخمة للصين وكوريا الشمالية واليابان، ومع ذلك.
وفي سياق الواقع السياسي الجديد، أصبح دور المنتدى الاقتصادي العالمي أكثر أهمية ومتعدد الأوجه:
أولاً، تبحث روسيا عن شركاء اقتصاديين جدد وهي مستعدة لتقديم الكثير لهم، وترى موسكو أن دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ وغرب آسيا حلفاء جدد وأسواق محتملة لمنتجاتها؛
ثانياً، يمكن للصين أو الهند الحصول على موارد الطاقة بسعر أرخص مما يقدمه السوق العالمي، خاصة وأن بعض المناقشات في المنتدى الاقتصادي العالمي مخصصة لمستقبل سوق الطاقة العالمية؛
ثالثاً، ربما سيتم العثور على الاستراتيجيات التي ستشكل ملامح الحلول المستقبلية للسوق العالمية.
بالتالي، يعد عقد المنتدى في فلاديفوستوك الروسية أمراً مهماً جداً خاصة في ضوء توسع البريكس، وذلك ربطاً مع أنه اعتباراً من الأول من يناير، سيتوسع تكوين كتلة البريكس من 5 إلى 11 مشاركاً، وبالإضافة إلى البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا، ستشمل الأرجنتين ومصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا، وبالتالي، فإن 47% من سكان العالم سوف يعيشون في دول البريكس+، وهو ما سيمثل حوالي 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ولأول مرة، أصبحت منطقة غرب آسيا الموقع الأمثل لمثل هذه الرابطة الاقتصادية العالمية، وخاصة إيران التي تتعرض لضغوط واسعة النطاق بسبب العقوبات الدولية، لكن روسيا تعيش في واقع اقتصادي أكثر قسوة منذ أكثر من عام الآن، لذا فإن توسيع مجموعة البريكس يمكن أن يحل العديد من مشاكل هذه الاقتصادات الضخمة.
بالنسبة للموضوع الرئيسي للمنتدى الاقتصادي الشرقي لهذا العام هو "نحو التعاون والسلام والازدهار". سيتم عقد جلسات الأعمال في 6 مجموعات مواضيعية: "التعاون الدولي في عالم متغير"، "لوجستيات التغيير"، "الشرق الأقصى لمدة 10 سنوات". ماذا حدث وما الذي يجب فعله؟”، “التطور التكنولوجي كضمان للسيادة”، “الشرق الأقصى للمستقبل”، “التعليم والتربية كأساس للاستقلال”. تبدو قائمة المواضيع وكأنها أطروحات لبرنامج عالمي يهدف إلى إنشاء اقتصادات ذات سيادة ومستقلة إلى أقصى حد.
وتعد روسيا مثالاً على الدولة المستعدة لتشجيع التسويات بالعملات الوطنية وحمائية الأنظمة المصرفية الوطنية، وبعد بدء المواجهة في أوكرانيا، سارعت موسكو إلى تحويل تجارة الطاقة إلى الدرهم والروبية واليوان، معلنة رفضها الأقصى للدولار واليورو.
ومن المتوقع أن يصبح موضوع التخلي عن العملات الغربية التقليدية أحد أكثر المواضيع التي تمت مناقشتها، وبينما تناقش دول البريكس، وكذلك الخليج الفارسي وغرب آسيا، الشكل الذي ينبغي أن تبدو عليه التسويات بعملاتها في التجارة الدولية، فإن روسيا تدعو أفضل العقول الاقتصادية إلى مناقشة مبدئية لهذه القضية، كما ستناقش كتلة "التعاون الدولي في عالم متغير" تشكيل نظام نقدي ومالي دولي بديل.
نستخلص من ذلك:
• إن موضوع غرب آسيا مهم بشكل خاص بالنسبة لروسيا الآن، ويُنظر إلى إيران باعتبارها مرساة استراتيجية في هذه المنطقة، خاصة وأن التفاعل مع إيران مجال مهم لضمان المصالح الوطنية لروسيا؛
• تؤكد الإحصائيات الخطوات المتبادلة، فقد تغير التعاون التجاري الخارجي بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم بريمورسكي الروسي بشكل جذري في السنوات الأخيرة، (2021 – 2022 – 2023)؛
• قد تثبت إيران أنها رائدة في اتفاقيات واسعة النطاق مع المنطقة الروسية الشاسعة، من المؤكد أن الاهتمام يستحق توقع أحداث مهمة من فلاديفوستوك.
بالتالي، لإنشاء تعاون اقتصادي قوي مع الصين، لا بد من التوجه نحو الشرق الأقصى الروسي، ومن هناك سيتم إنشاء إطار الحقائق والعلاقات الجديدة بين شرق أوراسيا وغرب آسيا، لدى المنتدى الاقتصادي العالمي كل الفرص ليصبح منصة برامج عالمية لدول البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون والجماعة الأوروبية الآسيوية.