قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تعطيل إسرائيل عمل الدفاع المدني وطواقم الإسعاف، بالتوازي مع استهداف وحصار المستشفيات في شمال قطاع غزة، يعني قرارا رسميا بإعدام آلاف المصابين والمرضى، ضمن سعيها المعلن لإكمال تفريغ المنطقة من سكانها بالقوة وطردهم تحت وطأة القتل والتجويع والترهيب، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وأفاد الأورومتوسطي في بيان له أن طواقمه الميدانية وثقت توجيه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي طائرات كوادكابتر مساء أمس الأربعاء نحو أماكن تواجد الدفاع المدني والخدمات الطبية في مشروع بيت لاهيا شمالي القطاع، وأجبرتهم على ترك العربات وأدوات الإنقاذ القليلة التي يملكونها للتدخل الإنساني والتوجه باتجاه المستشفى "الإندونيسي" حيث تقيم هناك حاجزًا للتفتيش، وهددتهم بالقتل خلال 10 دقائق.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي قصف بطائرة مسيرة مجموعة من طواقم الدفاع المدني وأصاب ثلاثة منهم، واستهدف عربة الإطفاء الوحيدة شمال غزة ودمرها، واعتقل خمسة من أفراد الدفاع المدني.
وأشار إلى أنه إثر التهديد الإسرائيلي، أعلن الدفاع المدني توقف خدماته بالكامل شمال قطاع غزة، وهو ما يعني إنهاء عمليات الإنقاذ المحدودة التي كان يجريها أفراد الدفاع المدني والإسعاف لمن يستهدفهم القصف الإسرائيلي وازديادًا حتميًّا في عدد الضحايا القتلى، حيث سيتعذر إسعاف المصابين ونقلهم وتقديم العلاج الضروري لهم.
وبيّن أن ذلك يأتي بالتوازي مع خروج المستشفيات الثلاث في شمال غزة؛ "كمال عدوان" و"الإندونيسي" و"العودة" عن العمل بالكامل، نتيجة القصف والحصار، حيث يتواجد بداخلها عشرات المرضى وأفراد الطواقم الطبية ممن لا يتمكنون من مغادرتها منذ ثلاثة أيام، فيما يجري استهداف تلك المستشفيات ومحيطها باستمرار بالقصف المدفعي والطائرات الإسرائيلية المسيرة.
وحذر بأن إخراج منظومة القطاع الصحي ومنظومة الإنقاذ يعني قرارًا إسرائيليًّا معلنًا بقتل آلاف الفلسطينيين عمدًا، بمن فيهم من يجري استهدافهم بالعشرات في المنازل والشوارع وخلال محاولات النزوح القسري، وكذلك الجرحى والمرضى في المستشفيات المحاصرة التي تفتقر لأي إمدادات ولا تتوقف أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفريغها.
وانتقد بشدة تقاعس المنظمات الدولية والأممية ذات العلاقة، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، عن الاضطلاع بمسؤولياتها للحد من تلك الجرائم أو حتى التعبير الواضح عن إدانة ما يجري، وهو ما يشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الجرائم.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن حياة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين ما يزالون في منازلهم في شمال غزة بعد إفراغ غالبية مراكز الإيواء وإجبارهم قسرًا على النزوح وسط إجراءات قاسية ومهينة ومرعبة وبعد اعتقال العشرات منهم، مهددة بخطر حقيقي، حيث يُتوقع موتهم إما جوعًا أو قتلًا بالقصف الإسرائيلي.
وأكد الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي دمر وأحرق مئات المنازل في شمال غزة، خاصة في مخيم جباليا، خلال الـ 20 يومًا الماضية، فيما ارتفع عدد القتلى إلى قرابة 800، وأصيب أكثر من ألف شخص، في حين ما تزال أعداد كبيرة من الضحايا تحت أنقاض المنازل المدمرة وفي مراكز الإيواء المستهدفة والشوارع ويتعذر انتشالهم وإجلاؤهم نتيجة الحصار الإسرائيلي الشامل وفرض حظر التحرك تحت تهديد القتل.
وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى جميع الدول والأمم المتحدة بتنفيذ التزاماتها القانونية الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفرض حظر أسلحة شامل على إسرائيل، ومساءلتها ومعاقبتها على كافة جرائمها، واتخاذ كافة التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، ومنع تهجيرهم قسرًا وضمان عودتهم إلى مناطق سكناهم، والافراج عن كافة المعتقلين الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم تعسفًا، وإدخال كافة أشكال المساعدات الإنسانية الغذائية وغير الغذائية، وبخاصة المنقذة للحياة، على وجه السرعة ودون عوائق وبما يلبي كافة احتياجات سكان قطاع غزة، وخصوصًا في مناطق الشمال، وضمان انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة.