كشف أحدث استطلاع صادر عن مركز "بيو" للأبحاث عن تآكل حاد في صورة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، مما يعكس خيبة أمل عميقة بقيادتها، لا سيما في ظل دعمها المطلق لجرائم الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة. وأكدت نتائج الاستطلاع أن هذا التحول في الرأي العام الدولي يشكّل محطة فارقة في نضال شعبنا الوطني من أجل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، ضمن سياق المساءلة الدولية والنزاهة الأخلاقية.
وفي هذا السياق، قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح: "إن تآكل الثقة بالسياسات الأميركية وقيادتها يعكس تنامي الوعي العالمي بالتناقضات بين خطاب الولايات المتحدة وسياستها، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. بالنسبة لشعبنا، هذا النفاق ليس مجرد نظرية، بل واقع مرير نعيشه يومياً تحت الاحتلال العسكري، والفصل العنصري، والإبادة الجماعية."
وأظهرت نتائج الاستطلاع انخفاضاً ملحوظاً في النظرة الشعبية للولايات المتحدة في مناطق رئيسية مثل أوروبا وإفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع تراجع حاد في دول حليفة تقليدياً لسياسات واشنطن الخارجية، مثل جنوب إفريقيا واليابان. وأوضح دلياني: "إن هذه الخيبة العالمية تعكس رفضاً أوسع لسياسات تعطي الأولوية للأجندات الإمبريالية والمصالح السياسية الشخصية الضيقة على حساب حقوق الإنسان والقانون الدولي. إنها رسالة واضحة للعالم أن الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستمرار، وأن الاستقرار والعدالة لا يمكن تحقيقهما عبر ازدواجية المعايير."
يتزامن هذا التراجع مع التجاهل الأميركي الصارخ لقيمة حياة ابناء الشعب الفلسطيني في ظل حرب الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة. فالوحشية العسكرية التي تدعمها مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية لكيان يقوده مجرمو حرب مطلوبون دولياً، مثل بنيامين نتنياهو، دمّرت مجتمعاتنا الفلسطينية وخلّفت مئات الآلاف من الضحايا المدنيين، فضلاً عن البنية التحتية المدمرة. وفي هذا الصدد، قال دلياني: "يشهد المجتمع الدولي نتائج التواطؤ الأميركي مع حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة. حقيقة أن تقييم النظرة للولايات المتحدة قد انخفض في 14 دولة من أصل 21 شملها الاستطلاع هذا العام فقط، هي شهادة على الإجماع الدولي المتنامي بأن سياساتها تجاه فلسطين لا يمكن تبريرها او الدفاع عنها."
كما سلط الاستطلاع الضوء على تراجع الثقة في الديمقراطية الأميركية كنموذج عالمي، حيث رفضت غالبية المشاركين في الدول الأوروبية صلاحيتها. وعلّق دلياني قائلاً: "إن انهيار مصداقية الديمقراطية الأميركية يرتبط بشكل وثيق بفشلها في معالجة الأزمات الإنسانية الأكثر إلحاحاً، وعلى رأسها معاناة شعبنا. إن ازدواجية المعايير التي تمارسها الولايات المتحدة – من خلال الترويج للديمقراطية بينما تدعم نظام الفصل العنصري والإبادة الاسرائيلي– قوضت سلطتها الأخلاقية بشكل كبير."
ومع تصاعد التساؤلات الدولية حول دور واشنطن على الساحة العالمية، تبرز القضية الوطنية الفلسطينية في صدارة نضال أوسع من أجل العدالة والمساواة. واختتم دلياني قائلاً: "هذا الوقت يتطلب تضامناً قائماً على مبادئ إنسانية. إن اليقظة الأخلاقية والسياسية التي نشهدها يجب أن تتحول إلى خطوات عملية – عبر الاعتراف بدولة فلسطين، ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائم الحرب، وإنهاء تواطؤ الإدارات الأميركية في قمع شعبنا."