ما سمعته من صديقي كان صادماً وفاجعاً، حيث مارس أحد الآباء المفاضلة بين الأبناء، وبعد أن غادر ، كل ذهب إلى حال سبيله
استيقظت البنات على واقع مزري ، أقل ما يمكن قوله ، إنه واقع بشع وللأسف أصبحت ظاهرة المفاضلة بين الأبناء ثقافة بشعة ، ساهمت في تدمير بعض الأسر
تبدلت الأحوال وتغيرت الأمور، وأُصيب المجتمع بالعديد من الأمراض وسادت الكراهية وتفشت الأحقاد وانقسمت الأسرة الاجتماعية التي كانت تجتمع على المحبة والوئام
السادة الأفاضل:
تشكو الكثيرات من البنات من تفرقة الآباء بينهن وبين إخوانهن الذكور في حياة الأب، كأن يخصص للذكور مسكناً دونهن، فإذا انفصلت عن زوجها ، لا تجد لها المأوى،
وكل ذلك بسبب أن بعض أولياء الأمور، ترسخت في أذهانهم نزعة الذكورية، حيث أنهم ينحازون للابن الذكر ويفضلونه على اعتبار أنه رجل، ولا بد من إعداده والاهتمام به، أو أن يهب الأب الذكور أشياء في حياته بخلاف البنات.. وغيرها من السلبيات التي من شأنها أن توقع البغضاء والحقد في نفوس الفتيات.
وهنا نتساءل:
ما حدود العدل بين الأبناء ؟ وهل يجب أن يساوي الأب في عطيته بين الذكور والإناث حال حياته؟ أم أن هناك مسوغات لتخصيص أحدهم بشيء دون الآخر؟ وهل يعد تجهيز الأنثى للزواج عطية من الأب أم هي من النفقة الواجبة؟
لا يجوز تفضيل الذكور على الإناث، كان أهل الجاهلية يفضلون الذكر على الأنثى، وكانوا يغضبون إذا بشروا بولادة الأنثى، كما أخبر الله عز وجل في كتابه حيث قال:
وَإِذَا بُشِرَ أَحدُهمْ بِالأُنثى ظَل وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، فإذا بُشّر بالإناث ، وكأنه يُبشر بسوء، نسأل الله السلامة والعافية
فلذلك حث الله عز وجل المسلمين على الرضا بقسمة الله عز وجل، والرضى بالولد ذكراً كان أو أنثى، وعدم تفضيل الإناث على الذكور ولا الذكور على الإناث، وإنما العدل بين الأبناء.
ولعل من أكثر الاشياء إثارة للجدل في شخصية الرجل الشرقي هو التناقض والازدواجية في شخصيته حيث أن الرجل الشرقي يبيح لنفسه ما يريد ولكن يحرمه على غيره.
لقد كان السلف رحمهم الله يعدلون بين الأولاد حتى في القُبلة، فلو قبل هذا: رجع وقبل هذا، حتى لا ينشأ الأولاد وبينهم الحقد ، فالتفضيل يؤدي إلى مفاسد، أولها ،
ينشأ الأولاد على حقد وكراهية للوالد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله في الحديث الصحيح لـ بشير بن سعد الأنصاري والد النعمان بن بشير: (أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم ... ) أي إذا كنت تريدهم أن يكونوا لك في البر سواء فاعدل بينهم، وكن منصفاً فيما تسدي إليهم.
كذلك أيضاً من المفاسد التي تترتب على عدم العدل بين الأولاد هي ، أنها توغر صدور بعضهم على بعض وتنمي الكراهية ثم التفكك الأسري
أيها الآباء :
إن نظرة إنسانية وروحية ، للتعامل مع البنت كإنسانة لها حقوقها، كما يجب التعامل مع عقلها وذكائها
وفي حياتنا الفلسطينية ونحن نواجه ظلم المحتلين الغزاة، نجد نماذج مشرقة لأخواتنا الأسيرات اللواتي قدمن الكثير لفلسطين والحركة الوطنية، ولقن المحتلين دروساً في العطاء والصمود والتحدي
اعدلوا بين الأبناء
لأن ميراث الغضب نار تحرق الجميع
اعدلوا
قبل أن تلقوا الله جل شأنه
الكاتب الصحفى والمحلل السياسي جلال نشوان